الثلاثاء، 18 يناير 2011

حوض النبي محمد علية الصلاة والسلام


قال الإمام النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم: أحاديث الحوض صحيحة. والتصديق بها من الإيمان. وحديثه متواتر النقل ورواه كثيرون من الصحابة.
 فعن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "إن لكل نبي حوضاً. وإنهم "أي الأنبياء" يتباهون أيهم أكثر واردة" أي أيهم صاحب أكبر عدد من المؤمنين الذين يشربون من حوضه.

يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: "وإني لأكثر الأنبياء تبعاً "اتباعاً من المؤمنين" يوم القيامة".

ولكي نتعرف إلي فائدة الحوض أخي القاريء ينبغي أن ندرك أن الله سبحانه وتعالي يبعث عباده يوم القيامة من قبورهم حفاة عراة غير مختونين. فتدنو الشمس من الرءوس حتي يعرق الناس بصورة لا مثيل لها من قبل. حتي أن منهم من يغطيه العرق تماماً. كل إنسان وفق عمله في الدنيا.. ويحدثنا القرآن الكريم في الآية الرابعة من سورة المعارج أن يوم القيامة طوله خمسون ألف سنة. فلنا أن نتصور حال شخص يقف لمدة خمسين ألف سنة والشمس مقتربة جداً من رأسه. كيف تكون حالته من الكرب والعطش؟ إلا أنه في هذا اليوم يكافئ الله عزوجل المؤمنين علي إيمانهم.
يقول تعالي في الآية الحادية عشرة من سورة الإنسان: "فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسروراً".. وأول وقاية لهم في هذا اليوم هي الوقاية من العطش. فكل مؤمن يشرب من حوض نبيه الذي آمن به واتبعه. مثل حوض نوح وإبراهيم وموسي وعيسي عليهم السلام.
يتوجه المؤمنون بالله ونبيه محمد صلي الله عليه وسلم إلي حوض رسول الله صلي الله عليه وسلم. فيأذن لهم في شربة ماء لا يظمآون بعدها أبداً إلي حين دخول الجنة بإذن الله تعالي ورحمته.
والحوض مربع الشكل. يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم فيما يرويه عبدالله بن عمر بن العاص: "حوضي مسيرة شهر "أي أن طول الضلع مقدار مسيره شهر" وزواياه سواء "أي متساوي الأضلاع" وماؤه أبيض من الورق "الفضة" وريحه أطيب من المسك وكيزانه "أكوابه" كنجوم السماء "في كثرتها" فمن شرب منه لا يظمأ بعده أبداً.
يقول صلي الله عليه وسلم كما يروي أنس: "فيه أباريق الذهب والفضة كعدد نجوم السماء".
يستمد الحوض ماءه من أنهار الجنة. فعن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال عن الحوض إنه "يغت" وفي رواية أخري لمسلم "يشخب" أي يصب فيه بصوت كحلب اللبن فيه ميزابان "ماسورتان كبيرتان" يمدانه بالماء من الجنة أحدهما من ذهب والآخر من ينوي "فضة".
يقول الرسول عن الحوض إن آنيته أي أكوابه من الذهب والفضة. وعددها كعدد نجوم السماء في الليلة المظلمة. فإذا كان الحوض متساوي الأضلاع وطول الضلع الواحد حوالي ثلاثة آلاف كيلو متر فلنا أن نتصور عدد الأكواب المطلوبة.
بالنسبة لكيفية الشرب فكل نبي هو الذي يملك الإذن لكل فرد من أمته بالشرب. لذلك فإن المسلم يرد علي حوض رسول الله صلي الله عليه وسلم يطلب منه أن يسقيه فيأذن لمن يستحق ذلك.
سأل الصحابة الرسول: كيف تعرف الذين لم يعيشوا في عصرك؟ فأجابهم قائلاً: "وددت أنا قد رأينا إخواننا" قالوا: أو لسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: "أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد". فقالوا: كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله؟ فقال: "أرأيت لو أن رجلاً له خيل غر محجله في جبهتها وحول قدميها علامات بيضاء وسط دهم بهم" "ليس بها أي علامة" ألا يعرف خيله؟ قالو: بلي يا رسول الله.. قال: "فإنهم يأتون "أي المؤمنين الذين يأتون بعده" غرا لهم علامات مضيئة في جبهتهم محجلين من الوضوء. وأنا فرطهم "سابقهم" علي الحوض".. فيسمح لهم بالشرب من حوضه صلي الله عليه وسلم.
يحاول بعض الذين كانوا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم ثم ارتدوا أو أذنبوا ولم تقبل توبتهم لأي سبب يحاولون أن يستغلوا أنهم كانوا مع المؤمنين في الدنيا. فيندسون بينهم. ولكن الملائكة تسرع وتمنعهم من الوصول للحوض. لذلك نري رسولنا الكريم يقول: "وليردن علي "أي سوف يحضر لي" أقوام أعرفهم ويعرفونني ثم يحال بيني وبينهم "تمنعهم الملائكة من الوصول إلي".. وقال أبو سعيد الخدري أنه سمع النبي يكمل قائلاً: "إنهم مني "أي من أمتي"". فيقال: إنك لا تدري ما عملوا بعدك. فيقول النبي: سحقاً سحقاً لمن بدل بعدي أي أنه يتبرأ منهم.

قد يسأل سائل: إذا كان الله تعالي بقدرته يقي المؤمنين شر ذلك اليوم. فلماذا لا يدرأ عنهم العطش أساساً بدلاً من الشرب من الحوض؟ والإجابة أن الله تعالي قادر علي ذلك بالتأكيد. ولكن والعلم لله وحده ليس المقصود هو مجرد الشرب من الحوض ولكنه فرصة لإظهار تكريم من آمنوا بالله تعالي علي مرأي ومسمع من باقي الخلق. حيث يتم تكريمهم بالتقدم للشرب من يد أو بإذن نبيهم. بينما الباقون يطحنهم العطش والكرب. ومما يؤيد هذا القول ان المؤمن تكفيه شربة واحدة فقط. إذاً فالله سبحانه وتعالي هو الذي تكفل بدرء العطش عنه بعد هذه الشربة. والشرب من الحوض هو التكريم كما نكرم المتفوقين في الدنيا بتسليمهم الجوائز مع فارق من أصدر قرار التكريم والقائم به ونوع الجائزة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق